خمس دقائق تحت الشمس !!
عدت من السوق محملا بكيسين محتواهما لا يغيب عن بال أي ممن يقابلني ، فالرائح والغادي مثلي سيطر السوق على اهتمامه ، لكنني في لحظة خرجت من دائرة حسابات السوق و مافيه على صوت يصرخ :
( سرقتوني يا ولاد الكلب ) نظرت خلفي لأرى الناس وقد أحاطوا به وهويكاد يبكي !! سيطر علي شعور الألم والحزن مما حدث !! وعلى الفور عدت أدراجي لأري ما حدث ..
الرجل اشترى نصف كيلو لحم ثم وضع الباقي في جيبه مع بقية نقوده ثم سار بضع خطوات وتوقف عند تاجر البرتقال ولما أراد أن يحاسبه مد يده في جيبه فلم يجد شيئا !!
أفرغ الرجل البرتقال ومضى يشكو حظه العاثر ويسب ويلعن أولاد الحرام !! الناس بين متعاطف ومتأمل وساخر ، أما أنا فانطلقت مكملا طريقي وأنا في غاية التأثر .. حتى مررت بآخر قد جلس
على الكرسي الخشبي الدي ألفه طيلة السنين الماضية بحلوها ومرها ، وقد شجعه دفء الشمس بعد طول انتظار لرحيل موجة البرد التي عانى منها الناس في الأيام الماضية .. كان مطرقا يهيم في فكره العميق ينظر إلى الأرض وكأنه يحاكيها ، ألقيت عليه السلام وأنا أتأمله ، لكنى لم أسمع له ردا !! وفي الحال أحسست بحاله .. وهمست نفسي وتخيلاتي : أيفكر في رحيل ابنه الشاب وقد اختطفه الموت ؟! وكان له سندا
وعزاء بعد وفاة زوجته ؟! أم يفكر في انقلاب حاله وقد انصرف عنه زبائنه إلا النادر المشارك له فيما ألم به من خطوب .
أوصلتني تأملاتي إلى الشارع المليء بالأوحال التي صنعتها به الأمطار طيلة الأيام الماضية ، ومشيت في طريقي إلى بيتي ، وأنا أخشى الانزلاق وتبعثر محتويات الأكياس . ودخلت بيتي ووضعت
ما أحمل سلعة بسلعة ،ثم مددت يدي في جيبي أخرج مابه من نقود ، مددت يدي في بقية الجيوب .. ثم كانت المفاجأة !! لقد سرقت كلها !تذكرت قول الرجل : ( سرقتوني ياولادالكلب ).. أصابني خليط من الحسرة والدهشة والغضب .. صعدت إلى سطح البيت أقدم رجلا وأأخر أخرى .. ثم جلست على الكرسي وحيدا تحت وهج الشمس أشكو لله حالي ، وسرقة مالي !!
محمود البسيوني .. 15/ 1 / 2015
عدل سابقا من قبل محمود البسيونى في الجمعة فبراير 06, 2015 8:30 am عدل 25 مرات