تذكير بمساهمة فاتح الموضوع : أول وآخرعلقة فى حياتى
وأنا طفل صغير كان غرامى بلعب الكرة كبيرا ، أمشى فى الشارع أشوط كل ما تقابله
قدماى ، حتى لو كانت طوبه صغيرة كانت أو كبيرة ، كنت الأخ الأصغر لأخوتى
وبلغة أهل البلد آخر العنقود ، ودائما الصغير هو الذى يتم إرساله لقضاء الطلبات ، أنا
أفعل ذلك الآن مع أحفادى وكنت أفعله مع أولادى ، ويبدو أنها عادة أن يتم آستغلال أصغر
أطفال الأسرة فى المشاوير ، إذا أنا كنت فى هذه المرحلة طفل المشاوير.. مش طفل
أنابيب ، ورغم أننى كنت دلوعة العيلة كلها فأنا صغيرهم بين إخوتى وأولاد أعمامى
الذين يعيشون فى عائلة واحدة ويأكلون معا وأنال من الدلع بعض الشيئ إلا أن أخى الأكبر
صاحب الولاية على كان لا يردُ له طلب .
أرسلنى ذات يوم لشراء علبة سجاير وأعطانى شلن وضعته فى جيب الجلابية ورحت
تجاه المحل ، فى الطريق وجدت تقسيمة كرة شراب ، رحت أمارس هوايتى ، كنت نحيفا
خفيف الحركة مطلوبا ومهضوما بين زملاء الكرة فى الحارة ، نسيت السجاير وأخى
الذى قد يكون خرمانا ورحت أشمٍر جلبابى وأمارس لعبى للكرة ، وفى إستلراحة مقاتل
تحسست جيبى فلم آجد الشلن ، تركت الملعب والمباراة والدنيا وعدت للمنزل أجر أذيال الخيبة .
ماذا أفعل مع أخى الذى ينتظرنى على أحر من الجمر يمنى نفسه بسيجارة ؟ وماذا ينتظرنى من
العقاب لضياع هذا الشلن الذى يعد ثروة عظيمة فى ذلك الوقت فى أول الخمسينيات ؟ هل
أصارحه بما حدث أو أذهب لأمى لتحمينى من بطش أخى ؟ لم أفعل ذلك ورحت أختفى فوق
سطح منزلنا ، أخى أسمعه يسأل كل من يقابله عنى بلا رد يشفى غليله ، أراه يبحث فى كل
المنزل وأنا فوق أراقب الموقف ، جاءنى فى النهاية وكله غضب ، لعله قد عرف وفطن أنه
بعدم عودتى له قد ضاع الشلن ، ولعله قد سأل زملاء الملعب عنى فقالوا له .
مسكنى أخى من يدى وراح يمارس غضبه على جسمى الضعيف النحيف
قد تكون هذه أول وآخر علقة لى فى حياتى ، ومن غرائب الصدف أنه بينما كنت فى يوم
من الأيام ماشيا فى حارة الجنايدة وجدت صرة وكالعادة مسكتها بيدى ورحت أشوطها
لتوجعنى رجلى ، شيئ صلب ففتحت الصرة لأجد شلنا ، كم كانت فرحتى فالشلن فى هذا
الوقت كان ثروة قومية يساوى الآن خمسون جنيها ، فكرت ماذا أفعل بهذا الشلن ؟ هل
أعطيه لأخى نعويضا عن ما سببته له من ضياع ثروته القومية ؟ وكيف لى أن أتنازل
عن هذه الثروة ؟ رحت أشترى كل مالذ وطاب تعويضا لى عن هذه العلقة التى ما زلت
رغم مرور الأيام والسنين لا أنساها.