[size=32] كاتب الصباحية[/size]
لما كنت أصغر أولاد العائلة المتعلمين ، كان منوطا بى كتابة نقوط الصباحية لأخوتى
البنات ، أجلس على السرير أبوعمدان بجانب العروس ، فى يدى كراسة وقلم ، تدخل
الواحدة من القرايب والنسايب تسلم على العروس وتقبلها بحرارة وتعطيها النقوط
وبعدها تجلس بعيدا لتأكل الكحك والبسكويت والغريبة ، فى الوقت الذى تطلب منى
أختى قيد النقوط فى الدقتر ذاكرة لى المبلغ واسم هذه القريبة إن كنت لا أعرفه ، وبعد
إنتهاء مراسم الصباحية تنقدنى أختى بما يخرج من ذمتها قرش أو شلن حسب الغلة
وطبعا هذه النقوط دين على أم العروسة تسدده فى أقرب مناسبة ، ولعل الإستعانة بى
كان لأنى صغير وسط هذه الكوكبة من النساء ولا يصح أن يكون بينهم شابا يافعا أو
لأن نسبة التعليم فى هذا الوقت كانت معدومة تقريبا وقد يكون لأن خطى كان جميلا .
لست أدرى إن كان ذلك يتم حاليا أم تطور الأمر بالهدايا الغالية والكبيرة أم مازال كاتب
الصباحية موجودا ؟
كانت النقطة على أيامنا تتراوح بين ربع جنيه الى جنيه ، كان الجنيه له شنة ورنه
وليس كجنيه هذه الأيام فاقد الأهليه الذى قد يرفضه الطفل وينظر لك شذرا لو أعطيته إياه .
لعل موضوع النقوط قد تطور الآن بعد تطور الحياة ، وهناك من يسأل العروس أو العريس
عن ما ينقصه حتى يكمٍله له ، ولعل هذه الفكرة الممتازة قد جاءت الينا من الغرب ، نحن
نعمل بها هنا فى القاهرة فنسأل العروسين عما ينقصهما وندخل عليهما به بعد الصباحية .
على أيامى أنا جاملنى أقاربى وأصدقائي بأباجورات ونجف وأطباق فاكهة وأطقم كبايات
وخلافة ، يعنى هدايا عينية وليست مادية ، وطبعا كنت أرد لهم عند زواجهم بهدايا بعد
معرفتى ما ينقصهم .ومازلت أعتز بهدية حتى الآن جاءتنى من صديق وقريب لى .
وها هو كاتب الصباحية قد أصبح جدا وينتظر اليوم الذى يرى فيه أحفاده فى الكوشة
ويجتر الذكريات فى يوم الصباحية فهل يجيئ هذا اليوم ؟ أتمنى أن يجيئ .
.