على السيد أبوشتية
أنا مدين لهذا الرجل بالكثير والحكاية أنه كان عندى ملحق فى اللغة الإنجليزىة فى السنة الثانية الإعدادىة ، كان
هو وقتها فى حقوق القاهرة ومن القليلين الذين يتعلمون فى البلد ولأنه إبن عمتى فقد أوكلوا إليه تدريس اللغة
الإنجليزية حتى اديت الإمتحان فى الملحق ونجحت بدرجة عالية ، ومن يومها وأنا متفوق فى الإنجليزى ، ولأنه
من علمنى حرفا صرته له عبدا فأنا مازلت رغم رحيله عن حياتنا أكن له كل الحب .
فور تخرجه من كلية الحقوق وأعتقد أنه كان أول محامى مدنى فى البلد ، عمل فى القاهرة وتزوج منها أيضا
وهذه حكاية كانت عقبة عندما شرعت فى الزواج من قاهرية ، فلقد وضعوا أمامى تجربة الأستاذ على والحكاية
أنه وقع فى غرام إبنة سفير مصر فى تركيا وتزوجها بعد أن تخرج مباشرة ، وعاش فى القاهرة وما أدراك ما القاهرة
الساحرة ولفارق الثقافة بين الطرفين فهى تحب السهر وحياة المجتمعات وهو يحب الإستقرار الأسرى ، هى لا تريد
العيال لتعيش حياة المجتمع الراقى وهاى شلة ! وهو إبن إمه الوحيد وأخ أكبر لجوز بنات ويريد ولدا
وهو الرجل الفلاح وهى إبنة المجتمعات الراقية والسفر الى أوروبا صيفا وتم الإتفاق على الطلاق بعد أن باعت
أمه فى هذه السنة زواج فدانا من أجود الأراضى كما سمعنا .
كانت زوجته قد حضرت بعد الزواج الى البلد قبل أن يدخلها النور وسهرت على السطوح مع القرايب والحبايب
على لمبة الجاز وياي ..ياى قالتها لأن ذلك يعتبر حاجة كده فانتازيا ، وذهبت الى الغيط ورات كيف يجمعوا القطن
وإستغربت كيف يركب الناس الحمير وكيف لهم هذا الإتزان على ظهره وكيف لهم الركوب حماًرى يعنى الرجلين فى
جانب واحد ن بل وطلبت أن تجرب ، وجربت وضحك عليها الموجودين وضحكت هى من التجربة .
كانت سعيدة جدا لوجودها فى هذا الجو الأسرى والحب العائلى والزيارات الليلية من الأهل والحبايب وجلست أمام
وابور الجاز فوق السطوح ورات كيف يخبزون واكلت العيش الطازج ، لكن مشكلة البهرجة والمنظرة وخاصة أن الأستاذ
على كما كنا نناديه أن البلية لم تلعب معه فى الشغل وعدم رغبتها فى أن تلد له وليا للعهد تم الإتفاق على الطلاق .
تزوج بعدها إبنة عمه دويدارأبوشتيه والحقيقة كانت وش السعد عليه إنسانة محترمة متربية متواضعة ، كنا نراها من خلف
الشباك ونحن ذاهبون أو عائدين من المدرسة ، وكان لها أخين هما سعيد وعبد الحميد دويدار زميلان لنا ورغم ذلك لم أرها
رأى العين إلا عندما هاجروا من بورسعيد حيث كان يعمل محاميا فى شركة النصرللغزل والنسج وتم نقله الى الزقازيق فى حرب
1967 ، وكنت يومها نلتقى فى مباريات كرة قدم مع فريق الإسماعيلية فى الزقازيق وكان على ملعب الجامعة القريب من المنزل
الذى يسكن فيه ولما عرف أرسل لى إبنه الوحيد فى ذلك الوقت الصغير حماده الذى أخذنى بعد المباراه لأجد غذاء وضيافة ممتازة
لكنى كنت وقتها حاجز عودة مع الفريق ولازم أسافر فأكلت مجاملة لهما .
كان الأستاذ على كلما يأتى للقاهرة فى ماموريات عمل يبلغنى فاقابله فى اللوكانده التى كان ينزل بها فى شارع عماد الدين وكنا
أحيانا ندخل السينما فهو يختار الأفلام الأفرنجية ، كان آخر فيلم رايته معه نصف دستة اشرار .
كان الأستاذ على ابوشتية من أول من لبسو الطرابيش فى البلد لقد رأيت الطربوش على راس الأستاذ أبوحماد والأستاذ فهمى حجازى
، وكان أحيانا يرسلنى لنقابة المحامين لسكرتير النقابة هذا الرجل العجوز قديم الطراز والذى كان دائما يسميه ( أولد فاشون ) وكلما كنت
اتذكر ذلك أنا ومحى أبوالنور الذى كان طول عمره يكره الإنجليزى وكان ضحية الأستاذ إدوار مدرس اللغة الإنجليزية فى منية النصر ،
كلما نتذكر ذلك نضحك كما لم نضحك من قبل ، كان الأستاذ على حكاءا ولبقا ولديه ذكريات كثيرة كان يحكيها لنا عندما نزوره و نسهر
معه فى بيته فى اجازاته الصيفية ، سالت عن إبنه محمد فعرفت أنه فضل العيش فى الزقازيق ، فسلام له ورحمة الله على والده الأستاذ
على السيد أبوشتية.