تجربة شخصية
بعد أن جاءنى خطاب التعيين ونويت السفر للقاهرة ، أشارت إحدى قريباتى التى كان هناك
ربط كلام مع إبنتها أنه من الضرورى أن ألبس دبلة ليوحى لمن أحل عليهم فى عملى الجديد
أننى خاطب ، صحبنى أخى وتوجهنا الى الصائغ الوحيد بالبلد ورحت أقيس الدبلة ولما سأل
عن ثمنها فرد مائة وخمسون قرشا ، إستكثرها أخى فلقد كان هذا المبلغ كبيرا فى ذلك الوقت.
كان للأسرة تجربة زواج فاشلة لإبن عمتى الذى تزوج من قاهرية ، وباع فدان أرض
فى أول سنة زواج ، كانت الزوجة من أسرة هاى لايف ومن فصيلة .. ياى وهاى ، ولا تريد
إنجاب أطفال لتتفرغ لسهرات الشلة والديسكو والذى منه ، وكانت فكرة أهل الريف عن بنات القاهرة
أنهن راقصات أو خاطفات للرجال ، يبدو أنهم كانوا متأثرين بفيلم شباب إمرأة ، لكنهم لا يعرفون
أن أهل القاهرة معظمهم نزحوا من الريف وإستقروا فى القاهرة
ومع مرور الأيام وإستقرارى فى العمل ، ومع صعوبة حياة العزوبية والعيش بعيدا عن حنان
الأم الذى لا يضاهيه حنان رحت أبحث من بين الزميلات عن شريكة للحياة ، ومع إستعراض كل الزميلات
إستقر رأى على زميلة ، ساعد على ذلك أنها كانت معى فى منظمة الشباب الإشتراكى وكنت أنا عضوا بارزا
ولنا مقر مفتاحه معى ، ورحنا نتعرف على بعضنا أكثر وإتفقنا على الخطوبة ، أتذكر أننى طلبت منها صورة
لتراها أمى فى أول زيارة للبلد ، وأعترف أن أمى ورغم أنها كانت أمية لاتقرأ ولا تكتب لكنها كانت حكيمة
ولها بعد نظر ورؤية صائبة ، سألتنى الوالدة عن أهلها ولم تخفى إعجابها بصاحبة الصورة وقالت لى مادمت
تحبها وتحبك أنا موافقة وراحت تدعو لى بالتوفيق والخلف الصالح عندما فاتحت أخى الذى كان فى مقام والدى
راح يذكرنى بتجربة إبن عمتى ولما رأى إصرارى قال إنت لك زواجه واحدة عندنا وأنت المسئول عن حياتك
ولا تعود لتشكو، أجبته لن أشكو وأنا المسئول عن حياتى وهكذا حصلت على الموافقة وعدت أتفق على
التفاصيل ، وأنتم تعرفون الباقى .. ياعمى أنا طالب إيد بنتك ؟ وإنت قابلتها فين ؟ دا إحنا زملاء ومع بعض
فى الشغل ..طيب عندك شقة ؟ وماهو مرتبك وهل لك دخل آخر وهل تزوجت من قبل ؟ وكنت واضحا فى
كل شيئ وشرحت له كل مايخصنى بكل صراحة ووضوح ومرتبى بالمليم قبل الجنيه والقرش !! مهم جدا أن
تكون صادقا ، ومهم جدا أن تكون واثقا من نفسك ومن حبك ومن الطرف الآخر الذى يحبك ، ومهم جدا أن
تمهد العروس الطريق مع أمها للحصول على موافقة الأب .
تمت الموافقة والإتفاق على التفاصيل وتمت الخطبة بحضور الأهل والأصدقاء المقربين ورحنا نجهز كل
شيئ من الإبرة الى غرفة النوم خلال عام ، وقتها كانت الحياة بلا الإمكانيات الموجودة الآن ، لكنها كانت حياة
كفاح ونضال وصبر ومعاناة ، والحمد لله كنا عند حسن الظن بنا ولم نكرر تجربة إبن العمة الذى كان عقبة أمامنا
ولقد دعوته هو نفسه لحضور خطوبتى ، والحمد لله باركت أمى هذه الزيجة وحضرت لتعاين على الطبيعة وكم
كان شعورها نبيلا وفرحتها طاغية ، وتكرر ذلك عندما كانت تزورنى بالقاهرة وتفرح بالأولاد الذين كانوا يذكرونها
بطفولتى وشقاوتى زمان ولعلنى قد كسرت القاعدة وعدنا نرى الكثيرين من شباب البلد الذين يتزوجون من
خارجها وأرى ذلك كلما أسأل عن حالات الزواج الذى تتم فى بلدنا ومنهم أقارب وأسأل لهم وأدعو بالرفاء والبنين .